الذكاء الإصطناعي من أين نبدأ ؟
كثر الحديث في السنوات العشر الماضية عن الثورة الصناعية الرابعة، عن تعريفها، وأركانها، وتطبيقاتها، وأهميتها لبناء دولة عصرية، و لاختزال وظائف جديدة و في كثير من الأحيان استبدال الوظائف القديمة بأنظمة متكاملة باستطاعتها العمل على مدار الساعة بتكلفة أقل وانتاج أكثر، ودقة عالية، فمن خلال الثورة الصناعية الرابعة انبثقت مجالات تكنولوجيا جديدة كثيرا ما نسمع في الإعلام والصحف والمقالات مثل:
• انترنت الأشياء IoT
• الحوسبة السحابية Cloud Computing
• الذكاء الإصطناعي Artificial Intelligence
• هندسة الروبوتات Robotics
• الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D printing
• سلسلة الكتل Blockchain
• القيادة الذاتية Self-Driven Mechanism
• الإحصاء الكمية Quantum Computing
• الواقع الإفتراضي Virtual Reality
وغيرها من المجالات العديدة التي مازال الإنسان يبدع في اكتشافها و تنقيبها و تطويرها مع وجود الإنترنت التي أوجدت الكثير من المصادر المفتوحة للعالم أجمع للمزيد من التقدم و العمل على التطوير المستمر.
ففي تقرير نشرتها شركة جارتنر في اغسطس من العام الماضي عن التكنولوجيا الناشئة لعام 2019 فمن المتوقع استمرار عملية التطوير المستمر في المجالات للعشر سنوات القادمة، والتحول المستمر يمكن أن يستحدث أو حتى يستبدل التقنيات المستخدمة في عدة شهور و ليس لسنوات، و بحسب التقرير قسمت جارتنر هذه الطفرة الى خمسة محاور التي اعتمدتها من خلال الابحاث المستمرة والتي سيكون أكثر الاهتمام عليها في السنوات القادمة و هي
• تقنيات الكشف و الحركة Sensing and Mobility
• الإنسان المعززAugmented Human
• أنظمة الديجيتال Digital Ecosystems
• الذكاء الإصطناعي الحديث والبينات Advanced AI and Analytics
• تحول أنظمة الحوسبة و الإتصالات Postclassical Compute and Comms
ولو ركنا كل هذا الى الجانب و تحدثنا فقط عن المحور الرابع وابتعدنا عن التطبيقات و الإكتشافات و المجالات و تكلمنا فقط عن مدى جاهزية الجيل القادم الناشئ للإبداع في هذا المجال فهل نحن مستعدون للابداع ام سنستمر في استيراد الأفكار من العالم؟
ففي تقرير من منظمة اليونسكو عن أهمية اضافة الذكاء الإصطناعي في التعليم والتي نستنبط منها المقطع الأول فقط " إن الدمج المنهجي للذكاء الاصطناعي في التعليم يعطي القدرة على مواجهة بعض أكبر التحديات في التعليم اليوم، وابتكار ممارسات التعليم والتعلم، وفي نهاية المطاف تسريع التقدم نحو تحقيق 4 من أهداف التنمية المستدامة. واليونسكو ملتزمة بدعم الدول الأعضاء لتسخير إمكانات تقنيات الذكاء الاصطناعى لتحقيق أجندة التعليم 2030." فهناك توجه عالمي على وضع الآليات الأساسية في البنية الأساسية للتعليم لتجهيز الشباب على مواكبة متطلبات المستقبل.
وفي تقرير آخر نشرتها مجلة توتيوز في ديسمبر الماضي عن مؤشر جاهزية للذكاء الإصطناعي لأعلى 52 دولة والتي اعتمدت فيها على مايقارب 150 مؤشر و لخصت الى 7 مؤشرات أساسية و هي المواهب، البنية الأساسية، البيئة العملية، الأبحاث، التطوير، الاستراتجيات الحكومية، التجارة جاءت النتائج كما هو مبين في الصورة أدناه، ففي المرتبة الأولى تأتي الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر منجم للمواهب بالرغم من اعتمادها الكبير على مبدأ استيراد العقول وللبنية الأساسية و بيئة العمل المريحة و الابحاث المستمرة و التطور و كل هذه ليست بسبب دعم الحكومة بقدر ماهي وجود الشركات التجارية الضخمة أمثال جوجل و مايكروسوفت و آبل ووجود الجامعات الكبرى التي تشجع المجال الإبداعي والبحوث والإبتكارات ، والصين في المرتبة الثانية و السبب الأساسي في ذلك استراتيجية الدولة التي ارغمت كل القطاعات على الاعتماد على التكنولوجيا و منها اوجدت شركات مثل هواوي و علي بابا و شاومي و ايضا التركيز على البحوث و التطوير المستمر بالرغم من عدم تصدرها في محور المواهب، هذا وقد حازت دولة الإمارات العربية المتحدة على المرتبة 27 وحازت المملكة العربية السعودية على المركز 29 (للمزيد اضغط على الصورة أدناه)إ
فبإمكاننا الآن في السلطنة أن نواكب و نتصدر في مجال الذكاء الإصطناعي اذا تم التركيز على السبعة محاور، فشبابنا ثروة بامكاننا اكسابهم المواهب اللازمة للابداع من مناهج الصفوف الأساسية، و البنية الأساسية متوفرة للبدء في هذا المجال وبيئة العمل يجب أن تساند التطور المستمر لتشجيع الاستمرارية في العمل في مجال الذكاء الإصطناعي، و منها تشجيع مؤسسات التعليم العالي للطلاب والدكاترة على الابتكار والبحث المستمر بانشاء منصات او مجموعات او مسابقات دورية تعنى في هذا المجال، وقد يجادل البعض من وجود هذه المنصات أو المسابقات حاليا و لكن هل هي كافية و هل مدى فاعليتها عالية وهل حققت مبدأ الإستمرارية و هل لها أهداف بعيدة المدى وهل ركزت على اهداف مادية أو أهداف بحثية، وهي ان كانت موجودة فهي تجذب فئة معينة فقط من المواهب، وقد حضرت الكثير من هذه المنصات والمسابقات ولاحظت فيها تكرار الوجوه المبتكرة، وأيضا أهمية وجود استراتيجات واضحة من المؤسسات الحكومية و جذب الاستثمارات التي ستضخ الموارد المفتوحة لاعطاء الشباب الفرصة لانشاء شركاتهم و التركيز على الإبداع و ارغام القطاعات التجارية الكبرى على الاستثمار أكثر في الشباب في هذا المجال.
لاينقصنا شئ لأن نكون الافضل، فإن وجدت الإرادة و الدعم بامكاننا عمل المستحيل، وقد ظهرت عدة ابداعات شبابية من شركات ناشئة في الجائحة ما يعطينا مؤشرات لكوادر جاهزة لخدمة هذا البلد اذا ما اعطوا الثقة والدعم و التشجيع للاستمرار.
فهل نحن مستعدون؟